طيران الرياض- شهادة التشغيل إيذانًا بتحويل الرياض لمركز طيران عالمي

المؤلف: منيف الحربي09.26.2025
طيران الرياض- شهادة التشغيل إيذانًا بتحويل الرياض لمركز طيران عالمي

مُنحت شركة "طيران الرياض" في مطلع هذا الأسبوع، رسميًا، الشهادة التشغيلية من قبل الهيئة العامة للطيران المدني، والتي تُعدُّ خطوة محورية وهامة في مسيرة هذا الناقل الجوي الوطني الجديد. وتعتبر هذه الرخصة، المعروفة اختصارًا بـ (AOC)، أي Air Operator Certificate، بمثابة وثيقة الميلاد الرسمية لأي شركة طيران تنشد التحليق في سماء المنافسة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الشهادة القيّمة لا تُمنح إلا بعد استيفاء سلسلة طويلة من المتطلبات الصارمة والمعايير الدقيقة؛ والتي تتضمن عمليات تدقيق فنية وإدارية ومالية وتشغيلية شاملة. تهدف هذه الإجراءات إلى ضمان التزام الشركة التام بالمعايير الدولية والمحلية المتعلقة بسلامة وأمن الطيران. ولا يسع أي ناقل جوي أن يستهل عملياته التشغيلية دون الحصول على هذا الاعتماد الضروري، والذي يأتي عادةً في أعقاب مرحلة التأسيس، والتي تشمل شراء الطائرات الحديثة، وتأهيل الطواقم المتخصصة، وإعداد السياسات التشغيلية المحكمة، وتجهيز البنية التحتية المتطورة.

تعود جذور فكرة منح الشهادات الرسمية والتصاريح المنظمة إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وذلك مع التطور المتسارع الذي شهدته صناعة الطيران. وحينما أدرك العالم أجمع الضرورة الملحة لتنظيم هذه الصناعة الوليدة، تم إبرام اتفاقية شيكاغو التاريخية في عام 1944م، والتي شكلت حجر الزاوية لتشريعات الطيران المدني الدولي، وأسفرت عن تأسيس المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) التابعة للأمم المتحدة.

تضمنت الاتفاقية المذكورة آنفًا، باقة متكاملة من الأُطر القانونية والتشريعية التي تنظم حركة الطيران بين الدول، وتغطي جوانب متعددة مثل تسجيل الطائرات، والتأكد من صلاحيتها للطيران، وإصدار رخص الطيارين والمراقبين الجويين المؤهلين، وضمان أمن الطيران، وحماية حقوق الركاب، والحفاظ على البيئة، والتأكد من جاهزية المطارات، بالإضافة إلى العديد من التشريعات والتفريعات الأخرى. واستنادًا إلى هذه التشريعات الدولية، تقوم كل دولة بوضع أنظمتها المحلية الخاصة من خلال الهيئات الوطنية المختصة؛ والتي تتولى مسؤولية الترخيص والإشراف الدقيق على التزام شركات الطيران ومقدمي خدمات الملاحة الجوية والمطارات وشركات المناولة الأرضية بالمعايير الدولية الرفيعة، وكذلك اعتماد خطط الطيران وإصدار تصاريح العبور والهبوط وغيرها من التراخيص اللازمة.

تعتبر "رخصة التشغيل" بمثابة الأساس المتين الذي تنطلق منه أي شركة طيران في سماء المنافسة. ومن هذا المنطلق، يُعد يوم الأحد الموافق 6 أبريل 2025م، بمثابة باكورة الخطوات العملية التي ستتخذها طيران الرياض لتصبح ناقلاً وطنياً عالمياً مرموقاً، وذلك في إطار رؤية طموحة تسعى لجعل العاصمة السعودية مركزاً لوجستياً عالمياً نابضاً بالحياة.

وبحصولها على الرخصة التشغيلية الهامة، تدخل "طيران الرياض" مرحلة الانطلاق الفعلي على أرض الواقع، حيث تشرع في تنفيذ الرحلات التجريبية المكثفة التي تهدف إلى اختبار الجاهزية التشغيلية والميدانية الشاملة، وذلك تمهيداً للإعلان الرسمي المرتقب عن بدء الرحلات التجارية وفتح الحجوزات للجمهور. ويعقب ذلك التوسع التدريجي المدروس في الوجهات، مع مراجعة مستمرة وتقييم دوري لأداء العمليات لضمان أعلى مستويات الكفاءة والتميز.

وعلى الرغم من هذه الانطلاقة القوية والمبشرة، إلا أن الطريق قد لا يخلو من بعض التحديات المحتملة، والتي من أبرزها تأخير تسليم بعض الطائرات الحديثة نتيجة للمشكلات المستمرة في سلاسل الإمداد العالمية، بالإضافة إلى النقص العالمي المتزايد في أعداد الطيارين والفنيين المؤهلين، هذا فضلاً عن المراحل الهامة المرتبطة باستكمال مشروع مطار الملك سلمان الدولي الطموح، والذي يُفترض أن يشكل البوابة الرئيسة لطيران الرياض ويكمل منظومتها التشغيلية المتكاملة.

إن "طيران الرياض" ليست مجرد شركة طيران جديدة وحسب؛ بل هي مشروع استراتيجي حيوي، وواجهة حضارية وطنية مشرقة، ستكون عنصراً أساسياً في إعادة رسم ملامح المشهد الجوّي الإقليمي خلال العقد المقبل، لتضع الرياض على خرائط الطيران العالمية كوجهة أساسية لا غنى عنها، وليست مجرد محطة عبور عابرة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة